يخرج أهالي رمادة و تطاوين في الأيام المشمسة من كل فصل شتاء بعد نزول الأمطار إلى السهول المجاورة لقراهم، للبحث عن نبتة “اللازول” النادرة أو “اليازول ” كما يسميه البعض ، فترى جموعا من النساء والأطفال وحتى الرجال منتشرين هنا وهناك، متوجهين بنظرهم نحو الأرض في تركيز تام، نظرا لصغر حجم النبتة والتصاقها الشديد بالأرض. واللازول نبات بري ينمو دون تدخل الإنسان، وهو من عائلة البصيليات، له أوراق رفيعة وزهرة بيضاء تظهر في فصل الربيع في آخر مراحل نمو النبتة، مع ثمرة بيضاء تشبه الثوم في جذعها، وله رائحة نفاذة ومذاق حار يجمع بين مذاقي البصل والفلفل تنمو النبتة بشكل كبير في الجنوب الشرقي لتونس، ويتهافت الأهالي على التقاطها خاصة في فصلي الشتاء والربيع، لفوائدها العلاجية والغذائية، فهي نبتة موسمية نادرة، لذلك يحرص الجميع على جمع ما استطاعوا منها قبل أن تنفذ ويحتاج جمع النبتة إلى تركيز تام ورحابة صدر، فبعد ساعات طويلة من البحث لا يجمع المرء سوى حزمة صغيرة، بينما عادة ما تكون المهمة أسهل بالنسبة للأطفال، نظرا لأناملهم الصغيرة وروح التنافس فيما بينهم التي تدفعهم لجمع المزيد، مما يجعل الأهالي يصطحبونهم معهم في أيام الإجازات.و في طريقك بين رمادة و تطاوين يعترضك بعض الأطفال و في أيديهم حزم لازول صغيرة يودون بيعها تتراوح الأسعار بين1000 مليم و2000. وأغلب بائعيها يبيعون جميع ما يجمعونه يوميًا نظرًا للإقبال الكبير عليها خاصة في فصل الشتاء. لذا توفر مورد رزق موسمي للبعض”
فوائد غذائية جمّة
وتجمع ربات البيوت نبات “اللازول” في شكل حزم صغيرة، ثم يأخذنه إلى البيت حيث يتم تنظيفه من الشوائب والأتربة العالقة بجذوره، ثم يطحن في المهراس فيصبح عجينة خضراء متماسكة ذات رائحة نفاذة ومذاق لاذع، ثم يضعنه في أوان بلورية ويسكبن عليه قليلا من زيت الزيتون أو يخلطنه مع الفلفل الأحمر والملح لتخزينه. يضع سكان المنطقة نبتة اللازول في كل الأكلات تقريبا خاصة الوجبات الشتوية، ولا يكاد يخلو مطبخ بالجنوب الشرقي بتونس من علبة “لازول”، فهم يؤمنون بأنه مضاد فعال لنزلات البرد والإنفلونزا ويقوي جهاز المناعة. وأبناء تطاوين القاطنون خارج الولاية أو بتونس العاصمة ولا يتواجدون أثناء موسم جمع هاته النبتة دائما ما يترقبون علبة اللازول التي يرسلها لهم اهاليهم لاعداد الاكلة الشهيرة “خبزة باللازول ” أو ” الرفيسة ” كما يسميها البعض.ولم يدحض العلم اعتقادات الأهالي حول الجانب الطبي للنبتة، فمعهد المناطق القاحلة بمدنين تحصل مؤخرا على براءة اختراع في اكتشاف أثبت أن نبتة “اللازول” دواء يقي من مرض سرطان الدم، بعد سلسلة من البحوث قامت بها الباحثة في المعهد حنان نجاع مع فريق عمل بالتعاون مع معهد باستور بالعاصمة