في عمق صحراء الجنوب الشرقي التونسي و تحديدا في منطقتي رمادة و تطاوين، ترى أناسا ينتشرون هنا وهناك من جميع الفئات والطبقات الاجتماعية، متوجهين ببصرهم نحو الأرض ويمشون ببطء بحثا عن “نبات الرعد” أو “الترفاس” أو “الكمأ”.ينضج الترفاس(الكمأة) بعد نزول الأمطار بمناطق الجنوب التونسي، وتحديدا بولاية تطاوين، حيث يتواصل ظهور هذا النوع من الفطر من أواخر جانفي ولغاية افريل، وقد أصبحت الشغل الشاغل لسكان المنطقة.يؤكل الترفاس بعد أن يطبخ في الماء والملح بعد تنظيفه من التراب، كما يمكن أن يطبخ مع بعض الأكلات مثل: المقرونة والكسكسي والحساء، وهناك من يشويه على النار
فطر بري نادر
الترفاس أو الكمأ فطر بري موسمي نادر الظهور، ينمو بعد نزول الأمطار في الصحراء تحت التربة بعمق يتراوح بين5 إلى 15 سنتيمترا، ويكون وزن الكمأة الواحدة بين 30 إلى 900 غرام ينمو الترفاس بشكل يشبه حبة البطاطا، بالقرب من بعض أنواع النباتات الصحراوية ، ويعتبر من ألذ وأثمن أنواع الفطر الصحراوي. ويحتاج جمع الترفاس إلى الخبرة فالقليل من الناس من لهم دراية بمكان تواجده . فهو نبات ينبت تحت الأرض و لا تراه من أول نظرة إلى بعد التثبت في التشققات التي يحدثها في الأرض يعمد الباحث عن الكمأ إلى نبش الأرض وإخراج الفطر بطريقة تبدو شاقة لمن يجهلها، لكنها ممتعة لمن يعرفها، فهي تستوجب مهارة ودراية وصبرا، فهو ينمو تحت التربة ويُفقده الخدش جودته، وتدوم رحلة البحث عنه ساعات أو أياما.
مورد رزق
يتخذ البعض من جمع الترفاس والبحث عنه هواية وتسلية في أوقات الفراغ والعطل. غير أن الكثيرين جعلوا منه مهنة موسمية تمثل لهم مورد رزق، وأصبح “الترفاس” يمثل مورد رزق لأهالي جنوب البلاد الشرقي، حيث يعتمد عليه عدد كبير من سكان المنطقة لتوفير المال، فيخرجون لجمعه وبيعه في الأسواق العادية أو أسواق خاصة به بعد أن أقبل الكثير من التجار التونسيين والأجانب على شرائه وتصديره إلى أوروبا وبعض دول الخليج. و تستغرق رحلة البحث عن الترفاس أيام و ليالي يقضيها الباحث في الصحراء
منافع صحية
للكمأة منافع كثيرة اكتشفها الطب، مما جعل ثمنه باهظا جدا ومطلوبا في الدول الغربية والعربية، فهو يباع بأسعار مرتفعة تصل إلى 120 دينارا (41 دولارا) للكيلوغرام الواحد في بداية الموسم، ثم تنزل بتكاثره تدريجيا.وللكمأة فوائد كثيرة، وقد روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين”، وكانوا يتداوون بـ”الترفاس” من ظلمة البصر والرمد، وبمائه تجلى العين ويقوى البصر، من ذلك قصة الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه الذي قال: “أخذتُ ثلاثة أكمؤٍ أو خمسا أو سبعا فعصرتُهنّ، فجعلت ماءهن في قارورة، فكحلتُ به جاريةً لي، فبرِئتْ”.ويستخدم الكمأ أيضا لعلاج هشاشة العظام والأظافر وسرعة تكسرها، حيث يحتوي على كمية كبيرة من البروتين والمعادن اللازمة للصحة والنشاط والنمو، منها البوتاسيوم والكالسيوم والفوسفور والحديد والزنك والنحاس.